الأساس الفلسفيّ للعلوم الطبِّيَّة

Abstract

كثيرًا ما شَكا الباحثون والمُفكِّرون مِنَ الصّعوبة والغموض اللَّذَين يكتنفان لغة "هيدغر" (Martin Heidegger)، ودروبه الوَعِرة التي يأخذنا عبرها إلى غايتِه، وأحيانًا إلى غير غاية على الإطلاق، بحسب ما يتراءى للعين العجلى!

بَيْدَ أنَّ أفكار "هيدغر"، ولحسن الحظّ، قد وجدت سبيلها إلى قالب لغويٍّ آخر فيه من التّحديد والوضوح وصفاء الرّؤية ما افتقدته لغته الأصليَّة؛ ما أتاح لواردي هذا النّبع الهيدغريِّ، من الباحثين والقرّاء غير المتخصِّصين، أن يجدوا بُغيتهم في غير عناء كثير. ونشير هاهُنا إلى ما لم يكتبه "هيدغر" بقلمه وأسلوبه المعهود، وإنَّما تَحَدَّثَ به طويلًا مسلسلًا في مجموعة محاضرات ألقاها بحضور ذوي خلفيَّات علميَّة بعيدة عن الفلسفة: مجموعة من الأطباء الباطنيّين والنّفسيّين. ولحسن الحظِّ -أيضًا- أنَّ هذه المحاضرات قد توثّقت كتابةً على يد صديقه "ميدارد بوس"، والذي عقد -ابتداءً- هذه الصِّلات والجلسات بين "هيدغر" من ناحية، وزملائه الأطباء من ناحية أخرى، في ما عُرِف بــ "ملتقيات زوليكون" (The Zollikon seminars 1959-1969) ترجمها من الألمانيَّة إلى الإنكليزيَّة "فرانز ماير" (Franz Mayr) و"ريتشارد أسكاي" ((Richard Askay؛ أي أنَّه قد قُيِّض لهذه المحاضرات الهيدغريَّة أن تُكتَب بغير لغة "هيدغر"، ويا له من فتح مبين في التّاريخ الفلسفيِّ المعاصر!