مراكز التفكير الإستراتيجي ولعنة النبوءات الكاذبة
Abstract
أصبحت مراكز التفكير الإستراتيجيّ تبتلع نظرتنا إلى المستقبل شيئًا فشيئًا، وبعد أن كان هاجس المجتمعات المعرفيّة مرتبطًا أساسًا بفهم الواقع وعلاقته بالماضي، أعطت "النُّبوءة الإستراتيجيّة" نظرة مختلفة إلى المستقبل.
أسّست التّنبؤات الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة لنظرة احتماليَّة مُغايرة لما كانت المنهجيّات التقليديّة تنظر به إلى الواقع. لقد كان صراع الحرب العالميّة ثمّ الحرب الباردة عاملًا رئيسًا في تطوير الآليّات المنهجيّة الَّتي تسبر القادم خصوصًا حين اكتشف العالم مع الماركسيَّة قدرة النُّبوءات الأيديولوجيَّة على تغيير الواقع؛ بل على تطويعه نحو حتميّات الانتصار المحسوم للفكرة الاشتراكيَّة، ومن بعدها لليوتوبيا الشُّيوعيَّة.
نشطت في الحرب الباردة، حرب النُّبوءات، وتطوّرت سريعًا مناهج وآليّات ومدارس مُتعدّدة في العالم الغربيّ بحثًا عن توقّع الآتي، وعن التّحكُّم في آليّات تحقيقه، أو وأده في مهده، وزاد من قيمة ذلك التّوجُّه الجديد، الأزمات الماليَّة العالميّة الّتي تسبّبت بها الشَّائعات الَّتي عصفت بالبورصات، ليكتشف الفاعلون الاقتصاديُّون والسِّياسيُّون أهمّيّة تأمين الوعي بالمستقبل للحفاظ على مُكتسبات الحاضر، أو تغييره نحو الأفضل.
تحاول هذه الدراسة الموجزة فهم السِّياقات الَّتي نشأت فيها مراكز التفكير الإستراتيجيّ بوصفها مؤسّسات بحثيَّة تضطلع بمهام التوقُّع، وقراءة الواقع المستقبلي من خلال فهم بِنْيتها ووظائفها وتأثيرها على واقعنا العربيّ والإسلاميّ.
